رَّح علماء فضاء، أن مصدر موجات الراديو الغريبة القادمة من أعماق الفضاء التي اكتُشِفَت للمرة الأولى قبل 10 سنوات، قد تحدَّدَ أخيراً.
والتُقِطَت ما تُسمى بـ"صواعق الراديو النارية السريعة- FRBs" في العام 2016 بواسطة تليسكوب بولاية نيومكسيكو الأميركية، وعلى الأرجح كانت هذه الصواعق صادرةً من مجرَّةٍ قزميةٍ تبعد عن الأرض بحوالي 3 مليارات سنة ضوئية، بحسب تصريح العلماء لمجلة Nature العلمية.
وتنطلق صواعق الراديو السريعة بشكل لحظيٍ وسريعٍ للغاية، وفي ميللي ثانية واحد تُصدِر كميةً هائلةً من الطاقة يمكن للشمس أن تصدرها في 10 آلاف سنة.
وبالتأكيد يظلّ مصدر تلك الصواعق طويلة الموجات، ذات الطاقة العالية الصادرة من نهاية الطيف الكهرومغناطيسي، محل نقاشٍ مُكثف بين العلماء.
يقول العلماء إن الاكتشاف الجديد لن يحل المسألة نهائياً بالطبع، ولكنه يستبعد عدداً من النظريات المطروحة بالفعل.
كانت 18 صاعقة راديو سريعة قد سُجِّلَت منذ العام 2007، بينما رُصِدَت واحدةٌ فقط في عام 2012 بمرصد آرسيبو في بورتوريكو، وأُطلِقَ عليها اسم FRB 121102، وتكررت عدة مرات.
وقد حفَّزَ ذلك فريقاً من العلماء، بقيادةِ شامي تشاترجي من جامعة كورنيل الأميركية، للاستعداد من أجل رصد هذه الصواعق في حالِ تكرار ظهورها.
كانت فكرة الاستعداد ضرورية ومفيدة، إذ بعد 83 ساعة من المراقبة على مدار 6 أشهر، حدَّدَت مصفوفة كارل جانكسي للتليسكوبات اللاسلكية متعددة الهوائيات، المتخصصة في رصد هذه الموجات، 9 نبضات هي الأقوى على الإطلاق.
يقول تشاترجي في تصريحٍ له: "نعرف الآن أن هذه الصواعق تحديداً تنبعث من مجرَّةٍ قزمية تبعد عن الأرض أكثر من ثلاثة مليارات سنة ضوئية".
إلا أن الاكتشاف لم يُجِب عن الأسئلةِ الدائرةِ حول مصدر هذه الانبعاثات لهذه المسافة الطويلة دون أن يلاحظها مراقبو النجوم المحترفون.
يقول عالم الفلك بجامعة رادبود بمدينة نيميغن الهولندية، هينو فالك: "حتى وإن لم نتوصل بعد لإجابةٍ شافية، يظلّ الاكتشاف تحدياً كبيراً".
وحتى وقت قريب، كان الكثيرُ من العلماء يتصوَّرون أن صواعق الراديو السريعة ناتجة عن أحداثٍ كونيةٍ عنيفة، كانفجارات نجوم السوبرنوفا المتفجرة العظمى، أو ارتطام نجومٍ نيترونية بثقوبٍ سوداء.
وبينما من المُحتمل أن تبعث أيٌّ من هذه الأحداثِ هذه الصواعق، إلا أنه هذه التصوُّرات لا تتسق مع تكرار النبضات، مثل تلك التي انبثقت من FRB 121102.
استبعد الاكتشاف الجديد أيضاً الاحتمالية التي طرحها العالم بجامعة ماك غيل الكندية، شريهارش تيندولكار، الذي يقول: "قبل أن نعرف مدى تلك الصواعق، كانت الكثير من التفسيرات المطروحة تفيد بأن مصدرها قد يكون من داخل مجرَّتنا درب التبانة، أو بالقرب منها".
إلا أن من الممكن استبعاد مجرَّة درب التبانة كمصدرٍ لتلك الصواعق، على الأقل في هذه الحالة.
يقول عالم الفلك بجامعة كاليفورنيا الأميركية، كاسي لو: "المصدر ليس بالقرب من مجرَّتنا"، مما يفتح المجال للمزيد من الافتراضات.
أحد أهم الافتراضات التي طرحها علماء الفلك يُرجِّح أن هذه الصواعق قد نتجت عن نجمٍ نيتروني من نوعٍ مغناطيسيٍ، مُحاطٍ ببقايا انفجار سوبرنوفا.
والنجم النيتروني هو نجمٌ صغير، لكن شديد الكثافة يتكوَّن نتيجة انهيار نجمٍ ليس كبيراً بما فيه الكفاية ليُنتج ثقباً أسود حين ينفجر.
والنجم المغناطيسي هو نوعٌ من النجومِ النيترونية له حقل مغناطيسي شديد القوة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق