الخميس، 2 مارس 2017

تعديل مدة الرئاسة فى الدستور بين تحصين عددها وثغرة طولها فى المادة 226

لا حظر صريحا على تمديد فترة الولاية الرئاسية.. لجنة الخمسين ركزت على منع تكرار تعديل 1980.. و«العشرة» التفتت عن مقترح تقييد المدة
رأيان فى إلغاء قيد إعادة انتخاب الرئيس: استفتاءان أولهما لتعديل المادة 226 وحدها.. أو استفتاء واحد يجمعها بالمادة 140
فوزى: لا توجد مادة دستورية عصية على التعديل.. ومادة التحصين فى دستورى 23 و30 لم تمنع سقوطهما
أثار مشروع تعديل الدستور المقدم من النائب إسماعيل نصر الدين لزيادة مدة الرئاسة إلى 6 سنوات قبل إعلان إرجائه تساؤلات عديدة عن إمكانية تعديل المادة الخاصة بمدة ولاية رئيس الجمهورية وإعادة انتخابه فى ظل وجود المادة 226 التى تحظر تعديل النصوص المتعلقة بإعادة الانتخاب، بالإضافة إلى مدى إمكانية تعديل المادة 226 ذاتها الخاصة بإجراءات تعديل الدستور، ومدى فاعلية هذه المادة، وإمكانية اعتبارها مادة محصنة لا يمكن المساس بها دون باقى مواد الدستور.
وتنص الفقرة الخامسة من المادة 226 على أنه «فى جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات».
وحظى هذا النص بترحيب واسع لدى إقرار دستور 2014 لضمانه ظاهريا عدم تكرار التعديل الدستورى الشهير الذى أدخله مجلس الشعب عام 1980 على دستور 1971 برفع القيد عن إعادة انتخاب رئيس الجمهورية، وهو التعديل الذى استفاد منه الرئيس المخلوع حسنى مبارك للبقاء فى السلطة لنحو 30 عاما، فى حين كان الدستور قبل تعديله يقضى فقط ببقائه مدتين رئاسيتين كحد أقصى.
وبمطابقة هذا النص بالمادة 140 من الدستور الخاصة بضوابط وإجراءات ترشح رئيس الجمهورية، نكتشف أن المادة 226 بها ثغرة حقيقية، وهى أنها لم تحظر تعديل مدة الولاية، وانصرفت فقط إلى حظر إعادة انتخاب الرئيس أكثر من المرتين المنصوص عليهما فى المادة 140.
وينفذ من هذه الثغرة جزء مهم من مقترح النائب إسماعيل نصرالدين، فإذا تمسكنا بالتطبيق الحرفى للمادة 226 فليس هناك ما يمنع من تمديد فترة الولاية الواحدة لرئيس الجمهورية لتبلغ 6 سنوات أو أكثر، وذلك دون المساس بمسألة إعادة الانتخاب.
وتكشف مضابط مناقشات لجنة الخمسين التى وضعت دستور 2014 وتحديدا فى اجتماعها الثالث والثلاثين المنعقد فى 14 نوفمبر 2013 أن الدافع وراء حظر المساس بالنصوص المتعلقة بإعادة الانتخاب كان التخوف من تكرار تعديل عام 1980، وأن مسألة تمديد فترة الولاية لم تكن فى أذهان واضعى النص.
وردا على اعتراض بعض الأعضاء على مبدأ تحصين مواد دستورية بعينها؛ قال محمد عبدالعزيز، المقرر المساعد للجنة نظام الحكم والسلطات العامة، إن «تعديل الدستور عام 1980 قبل وفاة الرئيس السادات دمر الحياة السياسية فى مصر، وهذه المادة تمنع حدوث هذا الكلام.. لكى لا يأتى أى رئيس جمهورية يقوم بما قام به السادات ويعدل المادة.. ونجد أنفسنا نعود للنقطة الصفر...».
غير أن مضابط مناقشات لجنة الخبراء العشرة التى وضعت المسودة الأولى للدستور تكشف أمرا آخر؛ تحديدا فى اجتماعها الخامس عشر المنعقد فى 20 أغسطس 2013، حيث تم الالتفات عن مقترح ورد على لسان أحد أعضاء اللجنة (لم يحدد من هو) بحظر تعديل الأحكام الخاصة بـ«مدة ولاية رئيس الجمهورية» إلى جانب الأحكام الخاصة بمبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها فى الدستور.
واقترحت لجنة العشرة النص على النحو التالى «وفى جميع الأحوال لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بمبادئ الحرية، والمساواة المنصوص عليها فى هذا الدستور، ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات» دون ذكر مسألة إعادة انتخاب الرئيس أو مدة ولايته.

((التحصين فى «الخمسين» بين مؤيد ومعارض))
وتكشف المضابط أيضا وجود خلافات أساسية داخل لجنة الخمسين حول مبدأ تحصين مواد بعينها فى الدستور، حيث اعترض على ذلك الأعضاء محمد إبراهيم منصور وطلعت عبدالقوى وسامح عاشور، بعدما تلا رئيس اللجنة عمرو موسى المادة بصياغتها المقترحة وهى ذاتها النافذة حاليا.
فقال منصور إن «تحصين مواد بعينها سيعطى رسالة سلبية، وإلا فهناك مواد أخطر يمكن أن يُطلب تحصينها مثل المادة الثانية (مبادئ الشريعة الإسلامية).... وقد نفتح الباب لتحصينات أخرى، خاصة أن التحصين سيحصن العقود والمواثيق الدولية المتعلقة بها، وسندخل فى دوامة أخرى تتمثل فى زيادة التأكيد والتحصين على أمور فيها تحفظات».
وتحدث نقيب المحامين سامح عاشور فى السياق ذاته قائلا: «القيمة الحقيقية فى هذا التحفظ الوارد فى نهاية المادة لا يحقق الغرض منه، لأنه يجوز للآلية الموجودة فى الفقرة الأولى (لتعديل الدستور) أن تلغى المادة بالكامل، ولا يستطيع أحد أن يتحدى المشرع الدستورى القادم بأن يقول وافق أو لا توافق أو لا تمس مواد بعينها».
وأضاف عاشور أنه «لا توجد قيمة حقيقية للنص، لأنه لا يحقق الغاية من الحماية، فالذى يحمى القيم والمبادئ هو الشعب، وهو وعى الناس والحراك الشعبى، وبالتالى عدم وجودها أفضل من وجودها».
وعلى النقيض تحدث عمرو صلاح، المقرر المساعد للجنة الحقوق والحريات، مدافعا عن التحصين، قائلا إن «هناك تجارب مماثلة فى القانون الأساسى الألمانى، وهناك تحصين لعدد من المواد المتعلقة بالحقوق والحريات، تجاوزا لسلبيات فترة ماضية».
وفى نهاية الجدل حول تحصين مواد الحريات والمساواة وإعادة انتخاب الرئيس، تم التصويت على إلغاء الفقرة، فارتأت الأغلبية الإبقاء عليها، لتصبح الفقرة الخامسة من المادة 226 التى أمامنا الآن.
((هل للتحصين فاعلية؟))
يرى الدكتور صلاح فوزى، أستاذ القانون الدستورى وعضو لجنة الخبراء العشرة، إنه «لا توجد أى مادة دستورية عصية على التعديل بما فى ذلك المادة 226 التى تحصن بعض المواد».
ويضيف أنه «لا يجوز للسلطة التأسيسية مصادرة حقوق الأجيال القادمة فى تعديل الدستور، وأن المواد التى توجد فى بعض الدساتير بتحصين الدستور أو بعض مواده لا تلزم إلا السلطة التأسيسية التى وضعته، مع الأخذ فى الاعتبار أن السلطة التأسيسية دائمة التغير والتبدل، فهى تتمثل فى التركيبة الشعبية التى تم استفتاؤها على الوثيقة الدستورية لتصبح نافذة».

((إجراءات تعديل النصوص المحصنة))
إذا أراد مجلس النواب تعديل مدة الرئاسة، فسوف يصطدم فى المادة 140 بمسألة محصنة هى إعادة انتخاب الرئيس، وأخرى غير محصنة هى تمديد ولاية الرئيس، وهنا يثور خلاف قانونى آخر حول التعامل مع المسألتين.
حيث ترى مصادر قضائية رفيعة المستوى أن رفع قيد حظر انتخاب الرئيس لأكثر من ولايتين يتطلب أولا إجراء استفتاء مستقل لحذف تحصين «نصوص إعادة انتخاب رئيس الجمهورية» من المادة 226، بحيث لا يستفتى الشعب إلا على حذف هذا التحصين فقط، باعتبار أنها قد وضعت بموافقة الشعب لتمنع مقترحات تعديل مسألة إعادة الانتخاب لأجل غير مسمى، وبالتالى فلا يجوز السماح بتقديم هذه المقترحات إلا بموافقة الشعب أولا على إزالة هذا العائق.
أما الرأى الآخر فيعتنقه د.صلاح فوزى، فيرى أنه امتدادا لحقيقة عدم تميز المادة 226 ومعاملتها كمادة دستورية عادية، فإنه يجوز استفتاء الشعب على تعديلها لتسمح برفع القيد على نص حظر إعادة الانتخاب أكثر من مرة، بصحبة تعديل النص المذكور فى المادة 140.
((كيف حسمت المدة المناسبة للولاية الرئاسية؟))
يطالب مشروع التعديل الجديد بزيادة فترة الرئاسة الواحدة إلى 6 سنوات كما كانت فى دستور 1971، وتكشف مضابط مناقشات لجنة الخمسين أن نقاشا ثار حول المدة المناسبة للولاية الرئاسية، وذلك خلال الاجتماع الثامن والعشرين المنعقد فى 10 نوفمبر 2013.
فردا على مقترحات بأن تكون مدة الرئاسة 5 سنوات، وتساؤلات عن الفارق بين 4 و5 سنوات، قال الدكتور جابر جاد نصار، المقرر العام للجنة ورئيس جامعة القاهرة حاليا، إن هناك عدة أسباب لإقرار مقترح 4 سنوات؛ أولها أنه قد تم الاستفتاء على مدة الولاية هذه بعد الثورة (فى استفتاء 19 مارس 2011) فهناك توافق شعبى عليها.
وثانى الأسباب «أننا عندما نجرى انتخابات، لن تكون انتخابات المجلس النيابى ورئيس الجمهورية فى نفس السنة، فلا تصبح السنة كلها مولد انتخابات، فمن المتصور أننا لو انتخبنا اليوم برلمانا فى 2014 ومدته 5 سنوات، فستصبح الانتخابات 2019، وإذا انتخبنا الرئيس فى 2014 تصبح الانتخابات الرئاسية فى 2018، فلا تصبح الدولة باستمرار فى حالة انتخابات».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

10 دورات مجانية لتعلم بايثون في عام 2019

في السنوات الأخيرة ، رأيت الكثير من الناس يتعلمون بيثون أكثر من أي لغة أخرى. يتعلم الكثير منهم بيثون لاستكشاف مكتبات Data Science ...