ربما لا يتعدى ما يعرفه الكثيرون عن الهند منتجاتها من أفلام بوليوود واليوجا والكاري. لكن هناك منتج هندي جديد هو المُدراء التنفيذيون للعديد من الشركات الكبرى متعددة الجنسيات والتي تتخذ الكثير منها من الولايات المتحدة مقرًا لها.
فمؤخرًا انضم (سوندار بيشاي) لهذه المجموعة الآخذة في الاتساع بعدما أصبح الرئيس التنفيذي لشركة جوجل بعد إعادة هيكلتها. (بيشاي) ينضم لـ(ساتيا ناديللا) الذي أصبح الرئيس التنفيذي لشركة (مايكروسوفت) العام الماضي لينضما معًا لسلسلة من الهنود الذين يديرون العديد من الشركات العملاقة مثل (سيتي بانك) و(ماستر كارد) و(بيبسي).
في منتصف عام 2013 نشرت مجلة (هارفارد بيزنس ريفيو) تقريرًا يشير إلى أن حصة صادرات الهند من المديرين التنفيذين – بمعنى المديرين التنفيذيين لشركات تقع مقراتها في بلاد غير بلدهم الأصلي – لأكبر 500 شركة في العالم يصل إلى 30% وهي نسبة تضع الهنود في وضع مقارب لنظرائهم من المملكة المتحدة وسويسرا. وصول هذا العدد من القادمين من بلد كان حتى وقت قريب مرادفًا للفقر المدقع إلى منصب الرئيس التنفيذي لعدد من أكبر الشركات العالمية هو مصدر فخر وطني في الهند.
لكن الحقيقة التي لا يراها الكثيرون، فإن (ناديللا) و(بيشاي) وغيرهم تلقوا درجاتهم العلمية العليا من الجامعات الأمريكية وحصلوا على خبراتهم الإدارية من العمل في الشركات في أمريكا وليس الهند. بعبارة أخرى، فإن نجاح هذا العدد من المديرين التنفيذيين المولودين في الهند هو دليل على نجاح نظام الهجرة في أمريكا – على الأقل قبل الحادي عشر من سبتمبر. كما يشير أيضًا إلى عدد من الأخطاء في شبه القارة الهندية.
أحد مصادر الفخر بالنسبة للهنود أن هذه إحدى المناطق التي يهزمون فيها منافسهم التقليدي، الصين. تعيين (ناديللا) على رأس (مايكروسوفت) في فبراير 2014 أثار بعض التساؤلات والمراجعات الذاتية في الصين. الهند وقتها كانت تملك ثلاثة رؤساء تنفيذيين على رأس أكبر 500 شركة في العالم في المقابل لم يكن هناك رئيس قادم من الصين على رأس أيِّ منها.
لكن يمكن بسهولة تفسير ضعف أداء الصين في هذا الصدد. فخريجو الجامعات الهنود يتحدثون إنجليزية جيدة ويرتاحون لبيئة العمل الأمريكية، بعكس الكثير من نظرائهم الصينيين. وفي حالة الشركات التكنولوجية مثل مايكروسوفت وجوجل فإن الخلفية الثقافية التقنية أعلى في الهند، الأمر الذي أنتج مديرين مثل بيشاي وناديللا.
ولكن سبب من أسباب غياب الصينيين ليس فقط عن منصب الرئيس التنفيذي ولكن عن المناصب الإدارية العليا للشركات الغربية هو القوة النسبية للاقتصاد الصيني والمجالات التي مازالت تشهد تأخرًا في الهند، وهو ما يمثل نقطة ضعف للهند مقارنة بالصين.
فعلى سبيل المثال، الشركات الصينية تدفع رواتب لأصحاب المناصب الإدارية العليا تقارب أو تقل قليلًا عن مثيلاتها في الولايات المتحدة بعكس الهند التي تتراجع عن الصين كثيرًا في تلك النقطة إذا ما تم تحويل الأجور لسعر الصرف الفعلي وليس بحساب القوة الشرائية للروبية الهندية. فوفقًا لمسح أجرته شركة (تاورز واتسون) الاستشارية في 2014 فإن أجور كبار المسئولين التنفيذيين في الصين كانت في المتوسط أكثر من ضعف أجور كبار المسئولين التنفيذيين في الهند عند تحويلها للدولار الأمريكي.
كذلك فإنه، وبرغم التلوث الكبير في الصين (والموجود بصورة مماثلة إن لم يكن أسوأ في الهند)، تُعد الصين الوجهة المفضلة للمهاجرين. فوفقًا لاستطلاع للرأي أجرته HSBC في 2013 جاءت الصين في صدارة 37 دولة كوجهة مفضلة للمغتربين.
في واقع الأمر فإن الشركات الهندية لا تلجأ للسوق العالمي من كبار المديرين. فلا يزال الرؤساء التنفيذيون المحليون يهيمنون على المناصب العليا في الشركات الهندية الكبرى وغالبًا ما يكونون من أفراد عائلة الإدارة الأصلية للشركة. يمكن فهم لماذا تتطلع الشركات الهندية حتى التي وصلت لأعلى المستويات – ومنها شركات معولمة بشكل كبير – إلى الداخل الهندي وتعتمد على الاكتفاء الذاتي رغم أن ذلك ليس بالضرورة في صالح الاقتصاد الهندي.
فعلى سبيل المثال عندما قرر (راتان تاتا) التنحي عن رئاسة مجموعة (تاتا) قبل بضعة سنوات، فإنه وبعد بحث طويل استقر على (سايرس ميستري)، وهو من عائلة (تاتا)، خليفة له رغم توقعات المتابعين بأن يكون الرئيس القادم للمجموعة أجنبيًا. لجوء مجموعة هندية عالمية مثل (تاتا) لأن يكون الرئيس التنفيذي فردًا من العائلة بدلًا من اختيار رئيس تنفيذي أجنبي يدل على مدى أهمية العلاقات والمعارف والشبكات المحلية من الوزراء والأجهزة البيروقراطية القوية في الدولة في إدارة الأعمال في الهند. الهند في ذلك تشبه الصين واليابان وتختلف عن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ربما يجدر بالهنود قبل تبادل التهاني والتفاخر بتصدير الرؤساء التنفيذيين أن يدركوا ما يعكسه ذلك من فشل في بلدهم. فكيف يمكن للهند أن تهيئ بيئة اقتصادية مناسبة مكافئة للشركات الغربية من حيث توفير الفرص والحافز للأفراد ذوي المهارات العالية مثل (ناديللا) و(بيشاي)؟ وثانيًا، كيف يمكن للهند تعزيز بيئة أكثر تنافسية وتشجع على الابتكار لتنتج شركات جديدة مثل (مايكروسوفت) و(جوجل)؟
بينما يتشمس الهنود تحت انعكاس المجد القادم من أمريكا فإن المستفيدين الحقيقيين هم الهنود الأمريكيين الذين يمتلكون اليوم نماذج يحتذون بها. ربما يستوجب الأمر تفكيرًا أكبر من (ناريندرا مودي) رئيس الوزراء الهند في هذا الوقت الذي يستعد فيه لزيارة وادي السيليكون.
فمؤخرًا انضم (سوندار بيشاي) لهذه المجموعة الآخذة في الاتساع بعدما أصبح الرئيس التنفيذي لشركة جوجل بعد إعادة هيكلتها. (بيشاي) ينضم لـ(ساتيا ناديللا) الذي أصبح الرئيس التنفيذي لشركة (مايكروسوفت) العام الماضي لينضما معًا لسلسلة من الهنود الذين يديرون العديد من الشركات العملاقة مثل (سيتي بانك) و(ماستر كارد) و(بيبسي).
في منتصف عام 2013 نشرت مجلة (هارفارد بيزنس ريفيو) تقريرًا يشير إلى أن حصة صادرات الهند من المديرين التنفيذين – بمعنى المديرين التنفيذيين لشركات تقع مقراتها في بلاد غير بلدهم الأصلي – لأكبر 500 شركة في العالم يصل إلى 30% وهي نسبة تضع الهنود في وضع مقارب لنظرائهم من المملكة المتحدة وسويسرا. وصول هذا العدد من القادمين من بلد كان حتى وقت قريب مرادفًا للفقر المدقع إلى منصب الرئيس التنفيذي لعدد من أكبر الشركات العالمية هو مصدر فخر وطني في الهند.
لكن الحقيقة التي لا يراها الكثيرون، فإن (ناديللا) و(بيشاي) وغيرهم تلقوا درجاتهم العلمية العليا من الجامعات الأمريكية وحصلوا على خبراتهم الإدارية من العمل في الشركات في أمريكا وليس الهند. بعبارة أخرى، فإن نجاح هذا العدد من المديرين التنفيذيين المولودين في الهند هو دليل على نجاح نظام الهجرة في أمريكا – على الأقل قبل الحادي عشر من سبتمبر. كما يشير أيضًا إلى عدد من الأخطاء في شبه القارة الهندية.
أحد مصادر الفخر بالنسبة للهنود أن هذه إحدى المناطق التي يهزمون فيها منافسهم التقليدي، الصين. تعيين (ناديللا) على رأس (مايكروسوفت) في فبراير 2014 أثار بعض التساؤلات والمراجعات الذاتية في الصين. الهند وقتها كانت تملك ثلاثة رؤساء تنفيذيين على رأس أكبر 500 شركة في العالم في المقابل لم يكن هناك رئيس قادم من الصين على رأس أيِّ منها.
لكن يمكن بسهولة تفسير ضعف أداء الصين في هذا الصدد. فخريجو الجامعات الهنود يتحدثون إنجليزية جيدة ويرتاحون لبيئة العمل الأمريكية، بعكس الكثير من نظرائهم الصينيين. وفي حالة الشركات التكنولوجية مثل مايكروسوفت وجوجل فإن الخلفية الثقافية التقنية أعلى في الهند، الأمر الذي أنتج مديرين مثل بيشاي وناديللا.
ولكن سبب من أسباب غياب الصينيين ليس فقط عن منصب الرئيس التنفيذي ولكن عن المناصب الإدارية العليا للشركات الغربية هو القوة النسبية للاقتصاد الصيني والمجالات التي مازالت تشهد تأخرًا في الهند، وهو ما يمثل نقطة ضعف للهند مقارنة بالصين.
فعلى سبيل المثال، الشركات الصينية تدفع رواتب لأصحاب المناصب الإدارية العليا تقارب أو تقل قليلًا عن مثيلاتها في الولايات المتحدة بعكس الهند التي تتراجع عن الصين كثيرًا في تلك النقطة إذا ما تم تحويل الأجور لسعر الصرف الفعلي وليس بحساب القوة الشرائية للروبية الهندية. فوفقًا لمسح أجرته شركة (تاورز واتسون) الاستشارية في 2014 فإن أجور كبار المسئولين التنفيذيين في الصين كانت في المتوسط أكثر من ضعف أجور كبار المسئولين التنفيذيين في الهند عند تحويلها للدولار الأمريكي.
كذلك فإنه، وبرغم التلوث الكبير في الصين (والموجود بصورة مماثلة إن لم يكن أسوأ في الهند)، تُعد الصين الوجهة المفضلة للمهاجرين. فوفقًا لاستطلاع للرأي أجرته HSBC في 2013 جاءت الصين في صدارة 37 دولة كوجهة مفضلة للمغتربين.
في واقع الأمر فإن الشركات الهندية لا تلجأ للسوق العالمي من كبار المديرين. فلا يزال الرؤساء التنفيذيون المحليون يهيمنون على المناصب العليا في الشركات الهندية الكبرى وغالبًا ما يكونون من أفراد عائلة الإدارة الأصلية للشركة. يمكن فهم لماذا تتطلع الشركات الهندية حتى التي وصلت لأعلى المستويات – ومنها شركات معولمة بشكل كبير – إلى الداخل الهندي وتعتمد على الاكتفاء الذاتي رغم أن ذلك ليس بالضرورة في صالح الاقتصاد الهندي.
فعلى سبيل المثال عندما قرر (راتان تاتا) التنحي عن رئاسة مجموعة (تاتا) قبل بضعة سنوات، فإنه وبعد بحث طويل استقر على (سايرس ميستري)، وهو من عائلة (تاتا)، خليفة له رغم توقعات المتابعين بأن يكون الرئيس القادم للمجموعة أجنبيًا. لجوء مجموعة هندية عالمية مثل (تاتا) لأن يكون الرئيس التنفيذي فردًا من العائلة بدلًا من اختيار رئيس تنفيذي أجنبي يدل على مدى أهمية العلاقات والمعارف والشبكات المحلية من الوزراء والأجهزة البيروقراطية القوية في الدولة في إدارة الأعمال في الهند. الهند في ذلك تشبه الصين واليابان وتختلف عن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ربما يجدر بالهنود قبل تبادل التهاني والتفاخر بتصدير الرؤساء التنفيذيين أن يدركوا ما يعكسه ذلك من فشل في بلدهم. فكيف يمكن للهند أن تهيئ بيئة اقتصادية مناسبة مكافئة للشركات الغربية من حيث توفير الفرص والحافز للأفراد ذوي المهارات العالية مثل (ناديللا) و(بيشاي)؟ وثانيًا، كيف يمكن للهند تعزيز بيئة أكثر تنافسية وتشجع على الابتكار لتنتج شركات جديدة مثل (مايكروسوفت) و(جوجل)؟
بينما يتشمس الهنود تحت انعكاس المجد القادم من أمريكا فإن المستفيدين الحقيقيين هم الهنود الأمريكيين الذين يمتلكون اليوم نماذج يحتذون بها. ربما يستوجب الأمر تفكيرًا أكبر من (ناريندرا مودي) رئيس الوزراء الهند في هذا الوقت الذي يستعد فيه لزيارة وادي السيليكون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق